الجمعة، 17 سبتمبر 2010

لحظة الألم .. و بداية حياة صعبة

        ( بااابااا.....) ,, تلك كانت صرخات طفل يسمى " يوسف " - أثناء غروب الشمس - لم يتجاوز من عمره 6 سنوات في لحظة من أصعب لحظات حياته . لحظة ,, لو شهدها رجلا كبير دور الأربعينات لوقع من طوله مغشيا عليه ... انها لحظة ( مقتل والده ) طعنا بالسكين أمام عينيه .. و على يد من ؟ . على يد " أمه " و " عشيقها ". تلك المرأة و عائلتها الذين تجردوا من مشاعر الرحمة و الانسانية , و استطاعوا أن يحرموا ذلك الملاك الصغير من ممارسة طفولته السعيدة , و تذوق طعم الراحة النفسية طوال حياته ... منذ طفولته , و حتى في ريعان شبابه ,, الى أن بلغ من الكبر عتيا و أخذ يلفظ أنفاسه الأخيرة - و لم تكن مشاعر الخيانة و جرائم القتل هذه بغريبة على المجتمع المصري خصوصا بين الطبقات الأكثر فقرا - ...
حيث ظلت " الدموع " و " نظره الدائم الى السماء " هما راحته و دوائه في هذه الحياة ..
فتلك المرأة  " زينب " و التي تشهد لها  " الأسكندرية " كلها  بحدة الطباع  , و السلوك السيئ المشين ,,, لم تكتف بقتل زوجها ,, ولكنها كانت أيضا شديدة التحامل على طفلها المسكين .. فتتربص به أن يخطئ مثل أي طفل صغير لتعذبه و تحرقه و تصيبه بالجروح و الكدمات في جسده - و التي لم تزل بزوال الأيام - نكاية بالأب " حسن " ... فقد كانت أشبه ب ( عاهات مستديمة ) ..
 كان " الأب " شديد التعلق بطفله الصغير .. فيذهب معه كل يوم يشتري له الحلوى و الشوكولاتة - على الرغم من أنه كان رجلا بسيطا - ,, فتكون تلك الحلوى بمثابة ماء المطر الذي يثلج به الصدور ويروى به الزرع ... زرع الحب والأمل والخير.

           و ذات يوم أخذت الجدة ذلك الطفل , و ذهبت به الى مكان عمل عمه " مصطفى " قائلة له : " خذوه ... احنا مش عايزينه " . فتركت له الطفل , و ذهبت مسرعة من حيث أتت .. و ظل العم واقفا صامتا من شدة الدهشة و المفاجأة لدرجة أنه شك في أمرهم ,,, فأبلغ النيابة . و لم يكن من العم - عندما عاد الى منزله مع ابن أخيه - الا انه اتصل بجميع أفراد العائلة ليجتمعوا عنده فورا.. فلما عرفوا ما عرفوا ,, أشفقوا على ابن أخيهم " يوسف " خاصة بعد أن قال الحقيقة أمام النيابة ,, و روى لهم - في براءة شديدة - ما حدث بالتفصيل قائلا : " مش هكلم ماما تاني ... دي وحشة ,, و ضربت بابا بالسكينة .". فانهالت دموع عمته " نادية " .. و قررت أن تتكفل بابن أخيها , فهو يعوضها عن أخيها ,, خصوصا أنها ( لا تنجب ) ..

    و هكذا ,,, عاش " يوسف " مع عمته نادية التي شهدت معاناته النفسية .. فهو لا يرى منظر " غروب الشمس " الا و يتذكر ذلك المشهد المروع  ,, فيصرخ قائلا : " بااااباااا " .. و تصيبه حالة من الهيستيريا ولا ينام حتى يقرأوا له بعض الاّيات من القراّن الكريم ...




 وظل " يوسف " على هذا الحال , حتى   بلغ من عمره 13 عاما .. فقد تأهل نفسيا و     ساعدوه ليتخلص من هذه الهيستيريا...  ولكنه ,, ظل جرحا عميقا بداخله وظل منظر  "غروب الشمس " يترك في نفسه شيئا.. الا أنه أدرك أن  دواءه  الوحيد .. " النظر الى  السماء " ليتذكر القدرة الالهية...

هناك تعليق واحد: