الجمعة، 24 سبتمبر 2010

يوسف و مرحلة المراهقة

أصبح يوسف الاّن في الصف الأول الاعدادي ... تلك هي مرحلة المراهقة ,, المرحلة التي يتجه فيها المرء للتطرف في تصرفاته.
فاما أن يلتزم لدرجة التشدد ,, أو أن يقصر لدرجة التفريط
الا أنك تجد أن " تلك اللحظة الأليمة " قد غيرت من مسار حياة بطلنا الى الأفضل ... فبدلا من أن يكون انسانا معقدا , مختلا , أو مجرما... قد أصبح يتمتع بشئ من الاتزان الاجتماعي مع الناس , بسبب دعم عمته الدائم له , و قلبه المتفطر دائما , و ادراكه و يقينه بقدرة الله سبحانه و تعالى التي لطالما كانت تعطيعه الأمل في كل لحظة يأس أو خزي يشعر بها ..
حيث سمع في مرة من المرات اّية عظيمة من سورة " الشعراء " تقول : بسم الله الرحمن الرحيم
( قال كلا ان معي ربي سيهدين )
و بمجرد أن سمعها ,, وقع في نفسه شيئا .. و ظلت تلك الاّية هي النور الذي يعطيه الأمل و اليقين بوجود الله سبحانه و تعالى الذي " لن يضيعه أبدا "
و لكن ,, ظلت كل هذه الخواطر التي تدور في وجدانه  سرا لا يعلمه أحد...

ولكن ,, هناك شخصا واحدا يعلم كل هذه الخواطر .. انه رفيق عمره " أحمد " ابن عمه " مصطفى " الذي ظل معه دائما على ( الحلوة ) و ( المرة ) .. فقد كان له أكثر من أخ .. و هو الشخص الوحيد الذي يعرف " سر حياته " , و لذلك كان أحمد هو الشخص الوحيد الذي يفهمه و يقدر شعوره , بينما كان يوسف بالنسبة لأصدقاءه شخصا غامضا ... فما الذي يجعل شخص مثله من عائلة ميسورة الحال , متفوق جدا في دراسته , و يحظى بتقدير معلميه و حب زملاؤه - خصوصا البنات - يميل الى العزلة و الوحدة بهذا الشكل ؟؟
لابد و أن في حياته سرا غامضا... و هكذا ,, ظل يوسف على هذا الحال حتى اجتاز المرحلة الاعدادية بتفوق ...

ففي المرحلة الثانوية ,,, و كلما تمر الأيام يخف عليه الشعور بالوحدة و العزلة تدريجيا . حيث كان يندمج مع الناس وقتما يكون معهم ,, ولكن بمجرد أن يخلو بنفسه ما تلبث أن تعود له تلك الخواطر المؤلمة الحزينة ,, فيتذكر الحادث نصب عينيه و كأنه حدث البارحة , فيأخذ قلبه يتفطر و يصرخ حزنا وألما , فينظر الى السماء و يتذكر الاّية , فتهدأ نفسه , و يطمئن قلبه , و يعود له الأمل .
أما عن عمته المسكينة فقد كانت تعتقد أنه نسى تلك اللحظات الصعبة و تجاوز هذه المحنة .
أدرك يوسف - في قرارة نفسه -أنه لابد له و أن ينسى تلك الخواطر , و لا يشغل نفسه بها .. فهو الاّن أصبح في مرحلة الثانوية العامة , و عليه أن يجعل كل اهتمامه في المذاكرة ليحقق حلمه الوحيد و يدخل " كلية الطب "..
أخذ يوسف يجتهد و يتعب في دروسه , و لا ينام الا ساعات قليلة حتى يتم مذاكرته على أكمل وجه , و عمته دائما ما تدعو له بالتوفيق.. و اذا ما أصابه اليأس و الاحباط ,, نظر الى السماء , و تذكر تلك الاّية " كلا ان معي ربي سيهدين " , فيظل يرددها حتى يعود اليه الأمل , و يستمر في عمله .. حتى جاءت لحظات الفرج القريب  .. و دخل يوسف " كلية الطب " مثلما كان يهدف .

و هكذا ,, تجاوز يوسف مرحلة المراهقة لتبدأ مرحلة جديدة و تغير جوهري في حياته

الجمعة، 17 سبتمبر 2010

لحظة الألم .. و بداية حياة صعبة

        ( بااابااا.....) ,, تلك كانت صرخات طفل يسمى " يوسف " - أثناء غروب الشمس - لم يتجاوز من عمره 6 سنوات في لحظة من أصعب لحظات حياته . لحظة ,, لو شهدها رجلا كبير دور الأربعينات لوقع من طوله مغشيا عليه ... انها لحظة ( مقتل والده ) طعنا بالسكين أمام عينيه .. و على يد من ؟ . على يد " أمه " و " عشيقها ". تلك المرأة و عائلتها الذين تجردوا من مشاعر الرحمة و الانسانية , و استطاعوا أن يحرموا ذلك الملاك الصغير من ممارسة طفولته السعيدة , و تذوق طعم الراحة النفسية طوال حياته ... منذ طفولته , و حتى في ريعان شبابه ,, الى أن بلغ من الكبر عتيا و أخذ يلفظ أنفاسه الأخيرة - و لم تكن مشاعر الخيانة و جرائم القتل هذه بغريبة على المجتمع المصري خصوصا بين الطبقات الأكثر فقرا - ...
حيث ظلت " الدموع " و " نظره الدائم الى السماء " هما راحته و دوائه في هذه الحياة ..
فتلك المرأة  " زينب " و التي تشهد لها  " الأسكندرية " كلها  بحدة الطباع  , و السلوك السيئ المشين ,,, لم تكتف بقتل زوجها ,, ولكنها كانت أيضا شديدة التحامل على طفلها المسكين .. فتتربص به أن يخطئ مثل أي طفل صغير لتعذبه و تحرقه و تصيبه بالجروح و الكدمات في جسده - و التي لم تزل بزوال الأيام - نكاية بالأب " حسن " ... فقد كانت أشبه ب ( عاهات مستديمة ) ..
 كان " الأب " شديد التعلق بطفله الصغير .. فيذهب معه كل يوم يشتري له الحلوى و الشوكولاتة - على الرغم من أنه كان رجلا بسيطا - ,, فتكون تلك الحلوى بمثابة ماء المطر الذي يثلج به الصدور ويروى به الزرع ... زرع الحب والأمل والخير.

           و ذات يوم أخذت الجدة ذلك الطفل , و ذهبت به الى مكان عمل عمه " مصطفى " قائلة له : " خذوه ... احنا مش عايزينه " . فتركت له الطفل , و ذهبت مسرعة من حيث أتت .. و ظل العم واقفا صامتا من شدة الدهشة و المفاجأة لدرجة أنه شك في أمرهم ,,, فأبلغ النيابة . و لم يكن من العم - عندما عاد الى منزله مع ابن أخيه - الا انه اتصل بجميع أفراد العائلة ليجتمعوا عنده فورا.. فلما عرفوا ما عرفوا ,, أشفقوا على ابن أخيهم " يوسف " خاصة بعد أن قال الحقيقة أمام النيابة ,, و روى لهم - في براءة شديدة - ما حدث بالتفصيل قائلا : " مش هكلم ماما تاني ... دي وحشة ,, و ضربت بابا بالسكينة .". فانهالت دموع عمته " نادية " .. و قررت أن تتكفل بابن أخيها , فهو يعوضها عن أخيها ,, خصوصا أنها ( لا تنجب ) ..

    و هكذا ,,, عاش " يوسف " مع عمته نادية التي شهدت معاناته النفسية .. فهو لا يرى منظر " غروب الشمس " الا و يتذكر ذلك المشهد المروع  ,, فيصرخ قائلا : " بااااباااا " .. و تصيبه حالة من الهيستيريا ولا ينام حتى يقرأوا له بعض الاّيات من القراّن الكريم ...




 وظل " يوسف " على هذا الحال , حتى   بلغ من عمره 13 عاما .. فقد تأهل نفسيا و     ساعدوه ليتخلص من هذه الهيستيريا...  ولكنه ,, ظل جرحا عميقا بداخله وظل منظر  "غروب الشمس " يترك في نفسه شيئا.. الا أنه أدرك أن  دواءه  الوحيد .. " النظر الى  السماء " ليتذكر القدرة الالهية...